الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية إعلاميون يحلّلون الواقع: الـمـال السياسـي «يـقـتـل» حــريّـة التعبير في تونس!

نشر في  16 أفريل 2014  (11:48)

 منذ أيام قليلة فجّر إيهاب الشاوش  الاعلامي في مؤسسة التلفزة التونسية حقائق خطيرة حول ظاهرة خلنا أنها ولت واندثرت باندثار النظام البائد، وهي نظام التعليمات والمنع وسياسة المكيالين، حيث كشف أن سبب إقصائه من تقديم البرامج الحوارية كان على خلفية عدم التزامه ببعض التعليمات الصارمة بعدم استضافة بعض الوجوه السياسية على غرار الشهيد شكري  بلعيد وعدنان الحاجي والطاهر بن حسين  وهشام السنوسي وأن الضغوطات كانت تمارس عليه كما في عهد بن علي بالهاتف أو بالاتصال المباشر بعد استدعاء هذا الطرف أو ذاك...هذه التصريحات هي جزء من مؤشرات كثيرة تطرح عديد الأسئلة حول مدى حرية الإعلام في بلادنا؟ وهل فعلا هناك مساع لعودة الإعلام إلى بيت الطاعة خاصة أمام عديد البيانات التي تصدرها المنظمات الحقوقية والمهتمة بالشأن الإعلامي والتي ترصد فيها عديد الإخلالات والتجاوزات والانتهاكات التي يتعرض إليها القطاع، الذي بدوره يعاني أصلا من عديد الصعوبات حيث اضطرت عديد الصحف مثلا إلى الاحتجاب بعد مرورها بأزمات مالية خانقة.
وتذهب جل التجارب الدولية الى التأكيد انه كلما التقى المال بالسياسة كلما استهدفت موضوعية الاعلام واستقلاليته، وجعل المال لخدمة أطماع اللوبيات المالية والتحكم في الرأي العام وفي كل العمليات الانتخابية، حتى انه خارج أطر التقنين و التعديل السمعي البصري وتنظيم الملكية صنعت الامبراطورية السياسية لبرلسكوني و تعمقت الطائفية في لبنان و العراق.
والسؤال الذي حاولنا البحث له عن إجابات: هل فعلا حرية الإعلام في خطر؟وهل سنعود إلى مربع الصفر حيث لا يوجد إلا صوت واحد ولون واحد يأتمر بمن في يده السلطة.


حذار من سلطة المال والإعلام

أكثر ما يؤرق المتابعين للشأن الإعلامي في تونس اليوم هو التحالف الذي قد يجمع أصحاب رؤوس الأموال بالمؤسسات الإعلامية وهو تحالف يهدد حرية الإعلام في بلادنا خاصة بعد أن توجه بعض رجال الإعلام إلى شراء مؤسسات إعلامية وتغيير مسارها التحريري خدمة لمصالحهم وأجنداتهم الخاصة .وهو ما ستكون له انعكاسات سلبية على حقوق الصحفيين وعلى حرية التعبير،لأن الغاية معروفة والهدف واحد وهو استغلال وسيلة الإعلام في تسويق أهداف حزبية للتأثير على الرأي العام وبالتالي غياب المصداقية والاستقلالية.


نعم هناك حرية.. لكنها مهددة


قد يتفق أغلبنا في أن المواطن التونسي أصبح بعد الثورة  يتمتع بإعلام حر مقارنة بما كان عليه واقع الإعلام قبل الثورة لكن تحديات وعقبات كثيرة تتربص به والخوف كل الخوف أن تتحد عديد العوامل كالمال الفاسد وطموحات بعض السياسيين من تقويض هذا المكسب الذي أريقت دماء الشهداء من أجله .لا شيئ تحقق من أهداف الثورة باستثناء هذا المكسب الذي يناضل من أجله الصحفيون الشرفاء.حرية الإعلام في خطر؟سؤال يتمنى كثيرون أن تكون الإجابة عنه بلا.....
لكن ما موقف بعض الإعلاميين من واقع الإعلام في بلادنا وخاصة من خطر تدجينه وإعادته لبيت الطاعة؟

رؤوف بالي (رئيس الجمعية التونسية للصحفيين الشبان):  من حق رؤساء الأحزاب امتلاك  وسائل إعلامية

اعتبر رؤوف بالي رئيس الجمعية التونسية للصحفيين الشبان أن امتلاك بعض رؤساء الأحزاب للمؤسسات الإعلامية لا يحد من حرية الإعلام ولن يشكل بذلك  خطا تحريريا بلون واحد خدمة لمصالح صاحب المؤسسة قائلا: «ماضرّ أن يكون رئيس المؤسسة الإعلامية مسؤولا حزبيا، شخصيا لا أعتقد أن حرية الإعلام ستكون مهددة لأننا لا يمكن أن نمنع الناس من الميولات السياسية أو تكوين أحزاب بل الحل في اعتقادي يكمن في ضرورة فصل الإدارة عن التحرير وهذه المسألة الفارقة والمحددة لحرية الإعلام وللأسف لم تتطرق إليها لا الهايكا ولا الهيئة العليا لإصلاح الإعلام».واعتبر رؤوف بالي أن الغالب على المشهد الإعلامي الان هو الاستقلالية، ولكنه اعتبرها مؤقتة ولا أحد يضمن كيف ستكون عليه في المستقبل، داعيا إلى ضرورة سن قوانين واضحة لحماية حرية التعبير للحفاظ على الاستقلالية، كما تسائل قائلا»لمصلحة من هذا التراخي والتباطئ أو الذهاب إلى اقتراحات غير معقولة،مثل منع رؤساء الأحزاب من امتلاك وسائل إعلام ؟إذا كان عون الأمن يريد ممارسة السياسة فمابالك بالمواطن العادي أو صاحب المال ؟»

الفاهم بوكدوس (رئيس مركز تونس لحرية الصحافة): أخطــار كثيـرة تحيـــط بالـميــدان


أحد أبرز الناشطين في مجال حرية الإعلام والدفاع عنه، الحقوقي الفاهم بوكدوس الذي كانت له رؤية أخرى حول أهم المخاطر المحدقة بحرية الإعلام حيث يقول: «إنه وإن كانت  لا توجد وصفة نهائية لتنظيم القطاع السمعي البصري في العالم، فإن للمراحل الانتقالية خصوصية بما فيه في بلادنا حيث تستغل الهشاشة الامنية والسياسية من قبل اللوبيات المالية لاستعادة السيطرة على المشهد العام ولتبييض اجزاء من اموالها محاججة عادة بالمعايير الدولية لحرية التعبير و بحرية التملك في البلدان ذات النمط الاقتصادي الليبرالي الصرف متناسية في الغالب انها تتحدث عن سياق غير السياق التونسي..
ويعكس اليوم الصراع بين ارباب المؤسسات الاعلامية والهايكا جوهر هذه المقاربة التي يقع تغليفها بموضوع فصول من كراس الشروط لاخفاء تطلع ازلي لرجال الاعمال في التحكم في السياسة وتوجيهها وصل اوجه بمحاولة تقنين ملكية سياسيين لتلفزات واذاعات.
ان تحول مالكين لوسائل إعلام الى قياديين حزبيين او متدخلين واضحين في العملية السياسية على غرار نصرة والعجرودي و القروي فتح أعين التونسيين الى المخاطر المحتملة لملكية هؤلاء وغيرهم لوسائل اعلام في توجيه العملية الانتخابية لصالحهم او لصالح تحالفاتهم الذين ستدفع فيه المهنية الصحفية وأخلاقيات المهنة ثمنا باهضا خاصة ونحن لم ننس بعد المعركة حول الإشهار السياسي في الانتخابات الماضية.ويضيف بوكدوس «لقد عاش التونسيون طيلة عقود في ظل اعلام حكومي وخاص تعاضدا من اجل إدامة الديكتاتورية والفقر، وصاغا العمليات الانتخابية وفق بروباغندا إعلامية فجة حرمت فيها المعارضة من كل فضاءات التعبير، ومن حق التونسيين الذين قاموا بالثورة في منوال اعلامي بردم مثل هذه الهوة مع الجمهور وبجعل الجميع على نفس المسافة الانتخابية وهو ما لا يمكن تحقيقه الا في ظل التوازن بين القطاعات العمومية والخاصة والجمعياتية، وفي إطار الحد من تطلعات السياسين في ملكية وسائل الاعلام».



زياد  الهاني: لا أحد يضمن الاستقلالية

يرى الإعلامي زياد الهاني أن هناك مستويين من المخاوف التي تتهدد الإعلام في بلادنا المستوى الأول ويهم  الإعلام العمومي حيث يعتبر أنه على الهايكا أن تمثل ضمانة إضافية حتى لا تقع تعيينات حزبية أو سياسية على رأس المؤسسات العمومية والإشكالية المطروحة هو أن الهايكا لها سلطة الاقتراح ولكن ليست لها سلطة الإقالة،خاصة إذا علمنا أن المعين على رأس المؤسسة العمومية  يصبح ارتباطه بشكل كامل في بقائه خاضع لسلطة رئاسة الحكومة،وبالتالي فإن ضمان بقائه مرتبط بضمان إظهار الولاء لها ولا يمكن للهايكا أن تتدخل في إقالته في صورة انحرافه عن الاستقلالية .والمستوى الثاني يهم المؤسسات الخاصة حيث يكمن الخطر  فيها في التوظيف السياسي ويتجلى في أقصى حالاته عند الهاشمي الحامدي في قناة المستقلة حيث يقول الهاني»هذا الشخص المقيم في لندن يستغل هذه القناة بشكل مباشر وفوضوي في القيام بالدعاية الحزبية لنفسه والترويج لقائمته ودعوة الناس للانضمام إليها ولحضور اجتماعاتها وهو ما لم ينزل به الله من سلطان «ويعتبر الهاني أن لا أحد يضمن أن يكون الإعلام بمنـأى عن التجاذبات الحزبية وسلطة المال مما يجعله عرضة للانتهاكات بمختلف أنواعها .


عبداللطيف العبيدي